مَــقالْ / د. سليمان الشحومي
قطاع النفط الليبي يعاني بشدة من فقدان التمويل اللازم لاستدامة الانتاج و استمرار القدرة التصديرية عند مستوياتها الحالية ، الاستثمار في قطاع النفط يعني زيادة الاستكشافات من النفط و الغاز لتعزز القدرة و التي توقفت منذ اكثر من عشرة سنوات الي الان ،كما ان العديد من الابار و الحقول و خطوط النقل من الانابيب و السعات التخزينية و ارصفة التصدير البحرية في امس الحاجة الي معالجات استثمارية بعد ما مرت به من تخريب و حرائق و انهيارات بالمكامن النفطية بالحقول ان الوضع يحتاج الي وقفة حقيقية من قبل الدولة الليبية بجميع مستوياتها .
حكومة الوحدة الوطنية اهملت الاستثمار في القطاع النفطي و الذي يورد جل الايرادات الحكومية ، برغم انها توسعت في الانفاق التسييري كالمرتبات و المصروفات علي السيارات و السفريات و الطائرات الرئاسية و توسعت بشكل غير مسبوق في نفقات تجميلية شابها الفساد الذي اشتم رائحته النتنه الجميع و تمرغ في وحله الطامعون و المقربون .
سارعت حكومة الوحدة الوطنية الي التوسع في الانفاق التنموي في محاولة لارجاع المشروعات التنموية المتعثرة منذ سنوات طويلة برغم عدم وجود ميزانية معتمدة وفقا لما ينص عليه القانون المالي وقانون التخطيط و لكنها تعثرت هي نفسها بسبب التخبط و سوء الادارة و عدم معالجة مشاكلها القانونية و الفنية و الادارية و تركت قطاع النفط و الغاز بدون انفاق تنموي و لم يحصل علي كفايته من التمويلات الاخري كالمرتبات و النفقات التسيرية الاخري.
في تقديري ان قطاع النفط و الغاز يجب ان يكون علي سلم اولوياتنا التنموية القادمة فهو القاطرة التي يمكن ان توفر الامكانيات للانفاق الحكومي علي التنمية و اعادة الاعمار ، فلا يمكن الحديث عن اي تنمية او اعادة اعمار الا عبر تحسين القدرة الانتاجية و التصديرية للنفط و الغاز ، فلو استخدمت الحكومة المبالغ التي خصصتها لمشاريع التنمية و او ما خصصته لجهاز تنمية وتطوير المراكز الادارية و ما خصصته لمنح الزواج وغيرها من نفقات الطواري ، ووجهتها لخدمة قطاع النفط و الغاز لكان افضل انجاز ممكن ان تحققه حكومة مثلها ، فقطاع النفط و الغاز قد يحتاج علي الاقل 10 مليار دولار خلال الخمس سنوات القادمة لتجديد بنيته الاساسية و زيادة القدرة الانتاجية .
سيكون امام الحكومة الليبية القادمة عندما تباشر مهامها فعليا في اقرب وقت ان تركز علي اعادة تأهيل وتطوير القطاع النفطي و حتما ستكون تحديات توفير التمويل امر في غاية الاهمية ، والبحث عن اشكال و مصادر التمويل المختلفة محليا و خارجيا ، و عبر اوعية مختلفة تفتح الباب للاستثمار
المشترك و الهادف و المنضبط لمصلحة الجميع .
الحكومة الحالية و هي تعيش حالة التخبط و هي تغادر المشهد اكتشفت انها اهملت قطاع النفط و الغاز و افقدته القدرة علي المناورة و الاستفادة من ارتفاع الاسعار العالمية للنفط و الغاز و في محاولة هزلية ادعت قدرتها علي رفع القدرة الانتاجية و المساهمة في تغطية العجز في الطاقة بالسوق العالمي ، و لم تنتبه انها كانت في حاجة الي تخصيص اموال و ضع برنامج عمل مكثف لتحقيق ما وعدت به .
حان الوقت لوضع اطار محدد لتنمية و تأهيل القطاع النفطي علي اسس جديدة يعاد فيها النظر في قانون النفط و دور وزارة النفط و المؤسسة الوطنية للنفط و شركاتها التابعة و التفكير في طرح آليات و سبل لتعزيز قدرتها علي الاستثمار و التمويل و تحويلها لقاطرة لتنمية الحقيقية فيما تبقي من عمر النفط الليبي و الذي ضاع منه ستين سنة دون ان نري مستقبل حقيقي لبلادنا و شعبنا ، حان الوقت لااعادة انتاج مشروع وطني تنموية مستقبلي يستغل ما تبقي من عمر الثروة النفطية في ارساء قواعد لاقتصاد جديد و متنوع.