الذي يحدث حاليا في النظام المالي وظهور النقود والعملات التي تعتمد على نموذج (العملات المشفرة ـ Crypto Currencies) سوف يؤدي الى تغييرات جذرية جوهرية في العالم تشبه الى حد كبير التغييرات التي وقعت بسبب ظهور الأنترنت وما أعقبه من ظهور التجارة الألكترونية التي أصبحت تشكل الثقل الأكبر للإقتصاد العالمي وكذلك ظهور وسائل التواصل الإجتماعي التي أدت الى تغييرات كبيرة على المستوى السياسي والإجتماعي وكذلك الإقتصادي وغيرها.
المتوقع هو أن التغييرات التي سيحدثها ظهور نظام العملات المشفرة وما يسمى بـ (النظام النقدي المتوزع ـ Decentralized Finance) ستكون أقوى وأعمق.
.
(العملات المشفرة) واقع وليست خيال أو خداع بصري كما لا يزال البعض يعتقدون، وهي ستبقى وتتوسع الى أن تصبح النظام النقدي السائد وتختفي النقود التقليدية، واذا كنت تعتقد أن هناك إمكانية أن العالم سيلغي الأنترنت ويرجع الى عصر ما قبل الأنترنت فأن هذا هو الإحتمال الوحيد للتشكيك في الموضوع لأن نظام العملات المشفرة مرتبط عضويا بالأنترنت وطالما بقت الأنترنت فسيبقى هذا النظام وسيتوسع وينتشر الى ان يفرض نفسه على الجميع بما يمتلكه من ميزات لا تتوفر في نظام النقد التقليدي.
.
حجم المشكلة التي يواجهها المسلمون بالذات تبدوا واضحة عندما ترى أنه لا يبدو أنهم تمكنوا حتى من مجرد فهم الأية الكريمة التي تقول ” وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا”، والنتيجة ـ والله أعلم ـ هي أنهم يحرمون ما أحله الله ويضيقون على أنفسهم وعلى الأخرين بدون سلطان مبين، والله وحده أعلم كيف سيتعامل المسلمون وفقائهم وعلمائهم مع هذه المستجدات التي أصبحت واقع وليس خيال ومع ما يسمى بـ “الذهب الرقمي ـ Digital Gold” الذي أصبح أيضا واقع قائم؟
.
هل سيكررون نفس أسلوب الإكتفاء بالتلاعب بالمصطلحات والالفاظ كما يفعلون الأن، أم أن هناك فرصة لعملية إعادة نظر جذرية في مناهج التفكير والفهم؟؟
الأسلام العظيم رسالة الله الخالدة الباقية الصالحة لكل زمان ومكان على شرط أن تنجو من الكذب على الله والعياذ بالله، وتنجو من الخلط بين (البشري والسماوي) وأضفاء هالة القداسة والعصمة على أراء وإجتهادات البشر، وتنجو من تطفل البشر على أمور التحليل والتحريم التي هي شأن ألهي مقصور على الذات الالهية ولا شئ سواها.
.
الغريب هو أن الذين يقودون هذا التغيير الجذري الجوهري هم بشر يعيشون في دول يتوفر فيها قطاع مالي تقليدي متطور ويتوقر فيها قطاع مصرفي حريص الى درجة المبالغة على خدمة الزبون وكسب رضاه، بينما لدينا في هذا البلد قطاع مالي إقطاعي ديناصوري لا علاقة له مطلقا بالعصر، ولدينا قطاع مصرفي خرافي لا يمتلك من المصارف ألا أسمها ومصمم خصيصا لكي يمتهن البشر ويمارس عليهم أشد صنوف الإذلال!
.
والله الهادي..
.
مشاكل ومختنقات الاقتصاد الليبي
Views: 2,342