محمد أحمد
بعض الأسئلة إلى سفارة الولايات المتحدة الامريكية بخصوص بياناتها الأخيرة حول الوضع الاقتصادي في ليبيا
أصدرت سفارة الولايات المتحدة الامريكية بيانان متتاليين حول احتمال عودة انتاج النفط في ليبيا، الأول تعبير عن السعادة ببيان المؤسسة الوطنية للنفط رفع القوة القاهرة عن الموانئ النفطية، والثاني تعبير عن الانزعاج لما أسمته التدخل الأجنبي ضد الاقتصاد الليبي. بداية أشكر لهيئة السفارة الموقرة اهتمامها بالشأن الاقتصادي الليبي وحرصها على الثروة النفطية الليبية وضمان وصولها إلى الشعب الليبي. الوضع حقيقة استثنائي وسابقة في مجال العمل الدبلوماسي ويصعب تفسير المعاني الموجودة في البيانيين وسبب عدم اعلانهما عن المستوى الوزاري المفترض أن يخرج عنه مواقف سياسية لها آثار ملزمة على مستوى الدول.
أتفهم تماما أن المستوى الليبي حاليا لا يبحث في دوائر وزارة الخارجية الامريكية ألا على مستوى منخفض جدا، ولكن القضايا التي تطرق لها البيانان تحمل التزامات دبلوماسية ومالية دولية لا ينبغي تناولها على مستوى السفارات.
وحيث أن السفارة كانت السباقة في عرض هذه القضايا للرأي العام الليبي وأعلنت أنها ملتزمة بالعمل مع المؤسسات الليبية المسئولة لتحقيق العديد من الأهداف مثل: السيادة الوطنية، وقف دائم لإطلاق النار، ودعم إجماع ليبي على الشفافية في إدارة عائدات النفط والغاز. فأني أود أن أتقدم ببعض الأسئلة لهيئة السفارة الموقرة عن تعريفهم للمعاني الحقيقية لهذه الأهداف وكيفية الوصول إليها من وجهة نظرهم.
أسئلتي ستتعلق بالجانب الاقتصادي والنفطي، حيث تناول الكثير من المحللين الأسئلة السياسية.
في البيان الأول دعت السفارة المؤسسة الوطنية للنفط “والتعاون مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لضمان عدم اختلاس الإيرادات والحفاظ عليها لصالح الشعب الليبي”. سؤالي هنا هو هل تعتقد السفارة أن المؤسسة الوطنية للنفط تقع عليها هذه المسئولية. من جانب آخر ألا يفهم ذلك بأنه تهرب من دولة الولايات المتحدة الامريكية عن مسئوليتها في ضمان أي اتفاق يقود لتحقيق هذا الهدف. لا أفهم حقيقة الآلية التي يشير إليها البيان فلا المؤسسة الوطنية للنفط مسئولة عن مثل هذا الواجب ولا يمكن لها أن تتعاون مع بعثة الأمم المتحدة للدعم لتحقيق هذا الهدف. الاثنان ليس لديهما أي إمكانيات يتم بها كشف الاختلاسات عدا عن التحقق من إرساء سياسة استباقية تضمن عدم الاختلاس كما وصفها البيان. أرجو أن يسامحني من كتب هذا البيان بوصف هذه العبارة بالجوفاء والتي لا تحمل أي معنى، وهي مصممة فقط للإلهاء أكثر من كونها مصممة للتنفيذ.
في البيان الثاني أشارت السفارة إلى وجود نشاط دبلوماسي مكثف. اعلان هام فعلا ولكن مبتور. حقيقة هذا استخفاف بالعقل الليبي. فالأنشطة الدبلوماسية بعكس الأنشطة الاستخبارية هي أنشطة علنية بين أطراف معلومة على وسائل الاعلام. لا أعترض إذا كان هناك نشاطا استخباريا فهو يجري رضيت أم لم أرض وأنا على يقين أنه يجري الآن على قدم وساق. يجوز أن تكون المداولات الدبلوماسية سرية ولكن على الأقل يجب أن نعرف ما هي قضية النشاطات والأطراف المشاركة بها و ليس من صحيفة الجارديان، كما يحدث الآن. سؤالي المباشر للسفارة هل كنتم طرفا في هذه النشاطات وبأي صفة تحديدا، هل هي صفة الضامن للاتفاق أو مسهل اللقاءات أو المراقب المحايد. كان ينبغي للبيان أن يذكر هذا الشأن ليس للتاريخ فقط بل أيضا للشعب الليبي حتى يمكنه من تكوين وجهة نظر حول دور الولايات المتحدة في هذا الشأن المهم ليبيا.
السؤال الثالث هو أين نحن اليوم، أن يتم إلقاء بيانات مثل هذه وتضمينها ايحاءات سياسية مبطنة سيقود الرأي العام في ليبيا وربما خارجها إلى التفكير بأن الضبابية التي صيغ بها البيان ترمي إلى تحريك أوضاع باتجاه معين. وبينما لا أرى أن أي دولة عظمى أو اقليمية ستعير هذين البيانيين قيمة كبيرة نظرا لصدورهما من أقل مستوى سياسي (سفارة) وبدون وضع أي التزامات حقيقية على الدولة الامريكية ألا أنني أرى أن الشعب الليبي يستحق أن توجه له رسالة سياسية محترمة وواضحة أي كانت فحواها مع موقف واضح للدولة الامريكية حتى وأن صدرت من الملحق الإعلامي للسفارة في المرة القادمة.