امين صالح
إلى الهيئة العامة للإتصالات والمعلوماتية
تحية طيبة وبعد،،،
أنا أمين صالح مدون وكاتب تقني ورئيس مجلس إدارة المنظمة الليبية لتقنية المعلومات والإتصالات، أتقدم لكم بخطاب أو مقال أو شكوى أو ألم أو تأنيب ضمير وطني وآمل منكم الاستجابة والإصلاح. وكل ما سيكتب أتحمل أنا والأمم المتحدة والضمير الوطني مسؤوليته وليس أي جهة نشر أخرى.
صدر بتاريخ 2020-7-12 تقرير الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية 2020 والذي كان تقريرا مؤسفا ومؤلما جدا، ومعبرا عن وضع ليبيا الحالي المزري في الخدمات الإلكترونية ومسارها في التوجه لتكوين حكومة إلكترونية فاعلة.
لن أتحدث عن فائدة دمج التقنية والحلول العالمية التي اثبتت كفاءتها وجُربت مع الوزارات والخدمات الحكومية في مختلف بقاع العالم، ولن اتعمق فيما كان لخبراء ليبيين ابحاث فيه من E-Dinar، ومساهمات في قوانين ولوائح عن كيفية احلال الخدمات الإلكترونية في جميع الوزارات.
بل سأتحدث عن التقرير وكلي أمل أن تكون الصورة كاملة لديكم لاتخاذ اي إجراءات.
كان أخر تقرير صادر عن الأمم المتحدة فيما يخص #الحكومة_الإلكترونية في سنة 2018 يشير إلى أن المتوسط العالمي لتحول وتنمية الحكومة الإلكترونية 0.55 في حين ان تقرير 2020 خلص إلى إرتفاع هذا المؤشر إلى 0.60 عالميا. وهذا تطور عالمي. في حين أن ليبيا كان مقدرا لها العكس.
وسأتطرق هنا لبعض النقاط التي أثيرت في جلسات النقاش في دول المنطقة العربية عبر المقالات والجلسات الحوارية، وسأركز على الجانب الذي يهم الدولة الليبية.
مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية:
يتكون مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية (E-Government Development Index) EGDI من ثلاث مؤشرات فرعية هي: مؤشر البنية التحتية للاتصالات TII ، ومؤشر رأس المال البشري HCI ، ومؤشر الخدمات الحكومية الرقمية OSI ، وهي مؤشرات مترابطة مع بعضها البعض ونستطيع تبسيطها على انها البنية التحتية للإتصالات، والعامل البشري وكفاءته، والخدمات الرقمية الحكومية.
وصنفت ليبيا في الفئة المتوسطة M2 من التصنيف المنقسم إلى أربع فئات ”منخفضة – متوسطة – مرتفعة – مرتفعة جدا” على ما بين 0.50-0.25 وهو ما يعد ضعيفا وقد كان ترتيب ليبيا عالميا (162) من اصل (193) دولة، متفوقين عربيا عن كل من : السودان (170)، اليمن (173)، موريتانيا (176)، جزر القمر (177)، جيبوتي (179).
بقيمة متوسطة 0.3743 وتأتي كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسعودية والكويت وسلطنة عمان في المراتب الخمس الأولى في الفئة ”المرتفع جدا“ عالميا.
مؤشر الخدمات الرقمية OSI:
وهو مؤشر يقيس استخدام الحكومات لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تقديم الخدمات الحكومية. مثل الخدمات الفنية للمواقع الحكومية على شبكة الإنترنت وسياسات الحكومة الإلكترونية وسهولتها وأمانها وخصوصيتها إلى آخره..
فتأتي ليبيا للأسف في الترتيب الأخير عربيا 0.0412
مؤشر رأس المال البشري HCI:
نسبة معرفة القراءة والكتابة بين البالغين، ومعدل التسجيل الإجمالي في المدارس، وعدد سنوات الدراسة المتوقعة، ومتوسط عدد سنوات الدراسة.
فتقدمت ليبيا عن تقرير 2018 وحصدت المركز الخامس عربيا بمتوسط 0.7357 وهذا يحسب لوزارة التعليم والتعليم العالي وادارة الكليات والمعاهد والتدريب الفني والمهني. وهو ما جعل ليبيا تكون في التقرير في الترتيب 162 وليس اداء الهيئة العامة للإتصالات والمعلوماتية.
مؤشر البنية التحتية للإتصالات TII :
Telecommunication Infrastructure Index يعتمد تقييم المُؤشر على مكونات فرعية تشمل: اشتراكات الهواتف المحمولة لكل مائة فرد من السكان، ونسبة مُستخدمي الإنترنت، واشتراكات النطاق العريض الثابت (السلكي) لكل مائة من السكان، واشتراكات النطاق العريض المتنقل النشط لكل مائة من السكان.
للأسف حلت ليبيا في الفئة المتوسطة في التقرير بمتوسط 0.3459 وهو المرتبة 16 عربيا
وسأشرح هذا البند بالتفصيل كونه يهمنا في هذا المجال:
اشتراكات الهواتف المحمولة ”مكالمات صوتية ورسائل” لكل مائة فرد من السكان حصدت ليبيا على : 91.48 / 100
نسبة مُستخدمي الإنترنت: 21.76 / 100
اشتراكات النطاق العريض الثابت (السلكي) ADSL لكل مائة من السكان : 4.83 / 100
اشتراكات النطاق العريض المتنقل Mobile Data النشط لكل مائة من السكان: 35.76 / 100
هذه ارقام تعتبر معيبة جدا وتدعوا إلى السؤال، كيف لدولة بكر في بداية عهدها ان تكون البنية التحتية المسؤولة عليها شركة #هاتفليبيا ان تكون بهذا الإنحدار 5% من السكان فقط لديهم خدمات ثابتة، مما يسبب انفاق عالي من طرف المستخدمين على الإنترنت المتنقل Mobile Data الذي يعد مكلفا جدا والذي يوجد به 36% من المستخدمين والموزعين على كل من #ليبيانا و #المدارالجديد و #ليبياللاتصالاتوالتقنية، إن كنا في السابق نتحدث عن ازمة مجتمعية، فاليوم نشهد تخلفنا وتعمد عدم دق نواقيس الخطر والتخلف والانحدار، إن استمرار السيطرة والكبح القسريين من هاتف ليبيا على تطوير الشبكة الأرضية ”الألياف البصرية“ حجر الاساس للبنية التحتية، ودخولها للمدن وتطوير المقسمات سينعكس بلا أدنى شك على انتشار خدمات الانترنت ووصولها لكل من الشركات الكبرى والشركات الصغرى والمتوسطة والأفراد.
بالتأكيد يوجد خلل وخلل جسيم في معالجة إدارة الإتصالات والجهة السيادية والتجارية والتشريعية المسؤولة عن الإتصالات في ليبيا، والتي تعني بالتطوير، فاليوم لا يهتم العالم بإنقسام مؤسساتنا وإداراتنا وبيروقراطيتنا وتخلف خدماتنا وشح سيولتنا، ولا يهتم التقرير بوجود تكدس وظيفي في قطاع الاتصالات، وانتم على علم بالاسباب المتراكمة، يتقاضون مئات الملايين دون اي نتيجة. ولا يهتم بتخلفنا في تشريعاتنا ولوائحنا.
أما فيما يخص شبكات الجيل الخامس، فالكارثة أن الهيئة العامة للإتصالات والمعلوماتية تمنع تشغيل حتى مواقع تجريبية مجانية ومعرفة إمكانية عملها، رغم مراسلتي لهم في العديد من المرات ـ.خلال شهر يونيو 2020 ـ عن خطر تخلفنا حتى في تقنيات الجيل الخامس، حتى وإن كانت على سبيل التجربة والإحلال التدريجي بما هو متاح في المخازن والتي تعد مخزنة لغرض التجربة لا لتعاقد. ولا أي رد من طرف الهيئة رغم علمي لمناقشتهم للبريد الإلكتروني الصادر من طرفي عن خطورة التأخيرات والتعنت.
وحيث اشار التقرير ان العالم قد تحول لمستويات اخرى من السعات حيث سينتقل حجم البيانات في العالم من 33 زيتابايت إلى 175 زيتابايت ”زيتابايت هي مليار تيرابايت“ في عام 2025 مع وجود 49% من هذه البيانات على السحابة لعامة الجمهور Public Cloud ، وان انترنت الأشياء IoT سيتضاعف عشر مرات ويصل إلى 75 مليار جهاز عامل على مستوى العالم، وهذا ما يستلزم الإنتقال الفوري وإحلال شبكات 5G والشبكات التي تليها لمواكبة المناطق التي تتعامل بالذكاء الإصطناعي والبلوكتشين والواقع الإفتراضي والواقع المعزز والمجتمعات التقنية، يمكنكم مراجعة التقرير لمعرفة حجم الإحتياج لهذا الأمر.
مؤشر حرية البيانات الحكومية Open Government Data Index OGDI
اما في شأن حرية المعلومات والبيانات الحرة، أو ما نسميه في ليبيا التوثيق والمعلومات فليبيا وبكل جدارة حازت على تقييم 0.0000 أي المرتبة الأخيرة في عدم وجود اي مشاركة للبيانات الحكومية والأرقام وما فيها من شفافية العمل مع العامة أو القطاعات العامة أو الخاصة أو الدولية.
ناهيك عن عدم وجود أي قانون يتعامل مع حرية البيانات وماهي البيانات المصرح لها بالنشر ونوعيتها واهميتها للغير.
حتى اللحظة لم نرى أي موقع يتعامل مع Public Information مثل بقية الدول في العالم وانا اقترح من هذه المخاطبة أن يكون data . Gov .ly مثلا ، ونفتح الباب لبداية مسودة قانون حرية معلومات.
مؤشر المشاركة الإلكترونية E-Participation Index
وتشمل المشاركة الإلكترونية التي يقيسها تقرير الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية 2020 توفير الحكومات لمعلومات على شبكة الإنترنت تتعلق بالسياسات والميزانيات في مجالات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية والتوظيف والبيئة والعدالة، واستخدام القنوات الرقمية والأجهزة المتنقلة في تلك المجالات، وتوفير معلومات على الإنترنت تتعلق بحق المواطنين في الوصول إلى المعلومات العامة، واقرار تشريعات لحماية البيانات الشخصية على الإنترنت، وإتاحة مجموعات البيانات المفتوحة ووسائل لاقتراح المواطنين مجموعات البيانات الأولى بالنشر، وكذلك وسائل لجمع آراء المواطنين وأدلة تُثبت الصلة بين آرائهم والقرارات الحكومية، بالإضافة إلى تيسير الوصول إلى الخدمات الحكومية الرقمية من خلال بوابات الإنترنت والأماكن العامة والمكتبات ونحو ذلك. ”مترجم من التقرير بتصرف“.
حازت ليبيا على الترتيب الأخير عربيا و 189 من أصل 193 عالميا بمتوسط 0.0357 اعتقد لا توضيح أكثر من أن يكون هذا الأمر أكثر من مؤسف جدا.
تعرض التقرير للكثير من الجوانب والتجارب العالمية والصعود العالمي عبر السنوات الماضية، يصعب شرح التقرير في عدة أسطر أو فقرات، ولكني حاولت التركيز على النقاط التي تهم ليبيا، ووضعها في خارطة الإتصالات والتقنية والحكومة الالكترونية والمدفوعات الإلكترونية والشفافية وحرية المعلومات في العالم أكثر من سيء، وان كنا حقيقة أسوأ مما ذكر التقرير، وهذا يدعونا لممارسة المزيد من الرقابة والعمل وتقديم الحلول والمقترحات والشكاوى والتحقيقات والبلاغات والتفاهمات والاتفاقيات وجدولة الأعمال بنظام أكثر، من اجل الرقي على الأقل ولو قليلا خلال العشر سنوات القادمة.
ما كتبته وما اقترحه من حلول لا يحتاج الميزانيات الجبارة، ولا يحتاج إجتماعات استقبل وودع ورحب وأكد… ولا يحتاج إلى محاضر إجتماعات وبيروقراطية مقيتة اصبحت مسبة وخلل وليست ميزة قانونية أو إدارية.
نحتاج مشروعات وطنية هدفها الصعود بالبلاد بعيدا عن اي تجاذبات سياسية او اقتصادية او شخصية او جهوية،، إن كان دور الرقابة المحلية محدود وضعيف او متواضع فالعالم اليوم قال كلمته في التقنية في ليبيا وهي أننا في أخر التقارير والمراتب وحتى حين صعدنا فإننا نصعد في مجال التعليم بعدد المدارس وعدد الطلاب، ولا نعلم ما مصير جودة المدارس والطلاب، وهذا شأن آخر لست ضليعا فيه..
أرجو النظر لمستقبل البلاد في الجانب التقني وهذه مسؤولية الجميع.