مَـقـــالْ / عبدالله ونيس الترهوني
تابعنا مطلع القرن الحالي وبالتحديد في العام 2003 أول الحروب البيولوجية بين الصين وأمريكا وماعرف حينها بفيروس سارس، وهذا النوع من الحروب هو سريع النتائج ولا يحتاج لقوى بشرية وأسلحة ثقيلة أو تقليدية، فهو لا يحتاج إلا لمعامل لتعديل المخلوقات الدقيقة لتتحول لوحوش فتاكة لا تراها العين البشرية.
حتى هذه الساعة لم يتم تحديد السبب الحقيقي والدقيق وراء جائحة فيروس كوفيد-19 والذي غير وجه العالم منذ مطلع العام 2020 وشهد العالم مع انتشاره إغلاق شبه كلي تزامناً مع تراجع اقتصادي كبير وبالأخص في كل من الدول النفطية والدول القائمة على السياحة، وعلى النقيض من ذلك فإن شركات التقنية هي الوحيدة التي من استفادت من انتشار الجائحة، ومع التعافي الذي شهده العالم بداءاً من شهر نوفمبر 2020 انتعشت أسعار النقل البحري العالمية وزاد الطلب على السلع، فيما استمر الركود في قطاع النقل الجوي، ولكن هذا الإنتعاش العالمي يبدو أنه لم يروق للولايات المتحدة فعملت على منع إعادة تصدير أي حاويات فارغة إلى خارج الولايات المتحدة وهذا بدوره أدى إلى خلل كبير في سلاسل التوريد العالمية والى إرتفاع أسعار نقل البضائع والحاويات بحراً وإلى ست أضعاف 600% منذ بداية إنتشار الجائحة وحتى الآن .
من جانب آخر شهدت أسعار النفط الخام تراجعاً تاريخياً خلال الربع الأول من العام 2020 وهبط خام برنت إلى ما دون ال 20 دولاراً للبرميل، ثم انتعشت أسعاره بانتعاش الاقتصاد العالمي وتخفيف قيود الإغلاق ، بل وشهدت صعوداً مضطرداً خلال العام 2021 وسجلت أسعار خام برنت 83 دولاراً أمريكياً للبرميل في الأسبوع الأخير من شهر نوفمبرالجاري، فيما أشار بعض الخبراء إلى أن أسعار النفط ستصل الى 90 دولاراً للبرميل الواحد خلال شهر ديسمبر2021، وهذا مادفع الرئيس الأمريكي بالدعوة إلى السحب من الاحتياطي الفيدرالي المُخزن تحت الأرض في أمريكا وبمعدل 50 مليون برميلاً من أصل 606 مليون برميل تخزنها الولايات المتحدة كاحتياطي فعلي بهدف تلطيف الأسعار .
رغم كل هذا ، صحا العالم صباح الجمعة 26 نوفمبر على عواجل في القنوات الفضائية تفيد بظهور متحور جديد من فيروس كوفيد-19 مصدره دول جنوب إفريقيا وسرعان ما أطلق عليه اسم متحور أوميكرون Omicron variant ، على الرغم من أن حالة واحدة فقط حول العالم من هذا المتحور قد سُجلت في بلجيكا، وبعكس ماحدث مطلع العام 2020 فقد سارعت الدول وخلال دقائق إلى فرض حظر طيران من وإلى مجموعة دول جنوب إفريقيا وإلى ذعر وفوضى غير مبررين.
اقتصادياً كانت النتائج سريعة ولكن بما تشتهي الولايات المتحدة وهي نزول أسعار النفط الخام بعشر دولارات خلال ساعة واحدة (من سعر 83 دولار للبرميل إلى سعر 73) بالتوازي مع تراجع ملحوظ في البورصات العالمية وصل ببعضها إلى 500 نقطة ونسبة تراجع وصلت إلى 6% لبعضها الآخر ، ليخرج بعدها الخبراء والفطاحلة ليقولوا لنا أن الجرعتين المضادتين للفيروس قد لاتكونان كافيتين وأن البشر قد يحتاجون إلى جرعة ثالثة أو حتى رابعة لمكافحة الفيروس المتحور، وكل هذا يصب في خانة المؤامرة من جهة وإلى انتعاش أسهم شركات صناعة اللقاحات من جهة اخرى.
من نافلة القول أن الذعر الحالي هو مصطنع وغير مبرر، وأن من وراءه مستفيدين يهدفون أولاً لخفض أسعار البترول وبالأخص قبل اجتماع أوبك + مطلع شهر ديسمبر، كما أنه يهدفون أيضاً إلى تباطؤ وتيرة الإنتاج العالمي وارباك سلاسل الإمداد العالمية قبل أعياد الميلاد، وهو الذي نما بوتيرة سريعة منذ نهاية العام 2020 ومع هذا التباطؤ ستهبط أسعار النقل العالمي بكل انماطه، ولكنه في المقابل سيشهد إرتفاع في قيمة شركات التكنولوجيا والأدوية العالمية والتي اغلبها أمريكية الجنسية.
إجمالاً يمكنني القول أن الحرب بين أمريكا والصين ستستمر وبكل شراسة، فهي حرب اقتصادية وبامتياز حتى وإن كان ظاهرها تكنولوجي مثل الحرب على شركة هواوي أو حرب الفيروسات والمتحورات.