الحرص على السلام والسعي إلى تحقيق التنمية المشتركة

بقلم السيد وانغ تشيمين القائم بأعمال السفارة الصينية  لدى ليبيا

يصادف هذا العام الذكرى الخامسة والسبعين لانتصار حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية. في 2 سبتمبر 1945، شهدت سفينة يو إس إس ميسوري، وهي سفينة حربية تابعة للبحرية الأمريكية راسية في خليج طوكيو، توقيع صك الاستسلام الياباني إيذانا بنهاية أكبر حرب عالمية في تاريخ البشرية. فتبددت غيوم الفاشية الداكنة وأحيى نور السلام من جديد تطلعات الناس إلى مستقبل جميل.

كان أحلك فترة في تاريخ تطور البشرية. كم كثير من الضباط والجنود استشهدوا تحت نيران المدفعية، وكم كثير من المدن تحولت إلى أنقاض بعد القصف، وكم كثير من العائلات تمزقت أثناء الفرار. صحيح أن هذه الحرب انتهت بهزيمة دول المحور على يد الحلفاء، وانتصار العدالة على الشر، وتغلب الحضارة على البربرية، لكنها كارثة خطيرة على  جميع شعوب دول العالم دون استثناء.

قدمت الصين مساهمات مهمة في النصر النهائي للحرب العالمية ضد الفاشية بتضحيات وتكاليف ضخمة. تعد حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني جزءًا مهمًا من الحرب العالمية ضد الفاشية، كما تعد ساحة المعركة الصينية ساحة المعركة الشرقية الرئيسية لها. في عام 1931، شنت اليابان حادثة 18 سبتمبر وغزت شمال شرقي الصين. وتولت الصين ،والتي كانت دولة فقيرة ومضطربة تلقب ب”الرجل المريض في شرق آسيا”، زمام المبادرة في الحرب ضد الفاشية التي استمرت 14 عامًا، وفرضت قيودًا كبيرة على القوة الرئيسية للجيش البري الياباني بما يحتوي ويؤجل بشكل فعال وتيرة تقدم اليابان شمالا وجنوبا. كما أرسلت الصين قوة التجريدة إلى بورما مرتين في عامي 1942 و 1944، حيث حطمت محاولة الفاشيين في ربط ساحتي المعركة الأوروبية والآسيوية. بحلول نهاية الحرب العالمية الثانية، بلغ إجمالي عدد الضحايا العسكريين والمدنيين الصينيين أكثر من 35 مليونًا، وتكبدت الصين خسائر مباشرة في الممتلكات بقيمة 100 مليار دولار أمريكي وخسائر غير مباشرة بقيمة 500 مليار دولار أمريكي. علق رئيس الولايات المتحدة آنذاك فرانكلين روزفلت على دور الصين قائلا، “لو لا الصين، لو هُزمت الصين، فيمكنك أن تتخيل كم عدد فرق وأفواج الجنود اليابانيين يمكن نقلها إلى مناطق أخرى للقتال؟ يستطيعون فورا الاستيلاء على أستراليا والسيطرة على الهند……”

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، لخص المجتمع الدولي بعمق الدروس منها، وشجعت الدول المنتصرة الرئيسية بنشاط على بناء نظام دولي جديد في محاولة لتجنب تكرار المأساة التاريخية. في ظل ذلك، تأسست الأمم المتحدة في 24 أكتوبر 1945، وبإنجازاتها ومساهماتها الهامة في الحرب ضد الفاشية، أصبحت الصين عضوًا مؤسسًا للأمم المتحدة وعضوًا دائمًا  لمجلس الأمن. على مدى 75 عامًا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وتأسيس الأمم المتحدة، حافظ العالم بشكل عام على السلام والاستقرار، وتم تجنب حرب عالمية جديدة، وشرع عدد كبير من البلدان الناشئة والنامية في المسار السريع للتنمية والتقدم.

لكن في الوقت نفسه، إذا ألقينا النظر إلى العالم، سنجد أنه لم تتوقف الاضطرابات الإقليمية والصراعات المحلية أبدًا، ولا يزال تهديد الإرهاب شديدًا وخطيرا، وتزداد أهمية القضايا العالمية مثل تغير المناخ، كما يواجه النظام الدولي تعديلات عميقة، إضافة إلى ازدياد عوامل غير مستقرة ومؤكدة. إن وباء كوفيد-19 الذي اجتاح العالم منذ بداية العام الجاري يجعلنا ندرك أن مصائر دول العالم يرتبط بعضها بالبعض ارتباطًا وثيقًا، وأن الأحادية لا مخرج لها. ولا يمكن حل المشاكل المشتركة للبشرية إلا عن طريق التضامن والتعاون. إن الصين بصفتها بانية للسلام العالمي، ومدافعة عن النظام الدولي، وداعية للعولمة، ومساهمة في التنمية العالمية، ستحمي بحزم التنمية السلمية، وتدافع بلا تردد عن التعددية، وتلتزم ببناء نمط جديد من العلاقات الدولية التي جوهرها التعاون والكسب المشترك، وتدفع نحو بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، سعيا لتحقيق التنمية والازدهار المشتركين مع جميع دول العالم.

قال السيد سون يات سين، رائد الثورة الديمقراطية الصينية: “الاتجاه العالمي يتقدم للأمام، من يتبعه يزدهر، ومن يعارضه يمت”. تحذرنا التجربة التاريخية أن التوسع العدواني بالقوة ضد إرادة الشعب محكوم عليه بالفشل. يجب أن نضع في اعتبارنا أن السلام أمر صعب المنال، ونغتنم فرص التنمية، ونعمل بجد لخلق مستقبل أجمل وأكثر إشراقًا للبشرية جمعاء

الأكثر قراءة

مساحة إعلانية

القائمة