الخروج من السرداب والبدائل المطروحة

عبدالحكيم التليب

الخروج من السرداب وتحقيق التغيير المنشود نحو الإفضل سيحدث عندما تستوعب نسبة كافية من الليبيين حقيقة (البديل)، فكلمة السر هي (البديل).

(البدائل) المطروحة حاليا على المشهد لا تتجاوز فكرة إستبدال (قط) بـ (قط) أخر، على وزن المثل الشعبي الساخر الذي يقول ” يا مبدل قط بقط، والقط المستائنس خير!”، وقد تم تجريب هذه الإستراتيجية الف مرة ومرة في الماضي، والنتائج الكارثية معروضة على الرصيف للفرجة.

المعضلة الأخرى هي أن هناك مقاومة شرسة للتغيير من طرف المستفيدون من الوضع الحالي والجالسون على الكراسي لأن هؤلاء يعلمون أن التغيير سيعني ليس فقط خسارة إمتيازتهم الحالية السخية المجانية، بل سيعني أيضا رميهم مع الفئة المهمشة المرمية على الرصيف، لأن الصيغة والنموذج الحالي يقوم على النظرية الصفرية وأن الحكومة هي كل شئ ولا شئ خارج الحكومة ألا البؤس والتسول والبطالة، وأكوام القمامة.

في نفس الوقت فأن الفئة المهمشة المرمية على الرصيف التي تتولى تسديد الفاتورة الباهضة أصابها اليأس من عمليات التغيير (التقليدية) الصفرية الجوفاء التي تقوم على مبدأ إستبدال رأس برأس أخر، واصبحت مترددة في دفع الثمن الباهظ للتغيير لأنها أصبحت تعلم بحكم التجارب المتكررة أن نتيجة هذا النوع من التغيير التقليدي الأجوف لن تتعدى إستبدال دفعة من الفاشلين والفاسدين بدفعة أخرى من الفاشلين والفاسدين، وزيد الماء، وزيد النخالة.

معضلة الفئتان، الفئة المستفيدة وكذلك الفئة المهمشة المطحونة، تكمن في أنهم غير قادرون على إستيعاب (البديل) الحقيقي الذي يقوم على التغيير البنيوي الجذري بهدف الإنتقال من الصيغة الإقطاعية البدائية الحالية البشعة الى صيغة دولة المواطنة الحديثة التي يتحقق فيها بصورة عملية ملموسة مستوى مناسب من العدل والشفافية وتكافؤ الفرص بين الجميع، ويتحقق فيها التوظيف الفعال للموارد المتاحة من أجل النهوض التنموي الذي يشارك فيه الجميع ويعود مردوده على الجميع.

عندما تستوعب نسبة كافية من الليبيين هذا (البديل) فأن التغيير الحقيقي الإيجابي سوف يقع بصورة مؤكدة، أما بدون ذلك فسوف يستمر الصراع العبثي الصفري الى أن يشاء الله.

التحدي الحقيقي هو كيف يمكن تطوير المستوى الفكري التأهيلي وإقناع الملايين بالخروج من السرداب وإستيعاب ورؤية (البديل) الطبيعي المنطقي الذي تطبقه جميع الشعوب الواعية الناجحة والمتمثل في (دولة المواطنة الحديثة)؟

هذا هو السؤال المصيري

المشروع: الإنتقال من دولة الإقطاع إلى دولة المواطنة

الأكثر قراءة

مساحة إعلانية

القائمة