هناك أرض وهناك بناء، وعليهما تجرى صفقات بيع وشراء وتأجير وخدمات أخـرى تحت طرفي سـوق العرض والطلب. لدينا خدمات تمويلية لتلك الصفقات. لدينا خدمات متعلقة كثيرة من بناء وصيانة وتجهيز وتأثيث وغيرها. من جهة نوع العقار لدينا سوق إسكانية وسوق غير إسكانية متنوعة بين تجارة تجزئة وصناعية ومكتبية وزراعية وخدمات أخرى متنوعة. والنتيجة أن تجد من يرى أن العقار يشكل نحو نصف الناتج المحلي، وتجد من يراه مشكلا جزءا صغيرا. ومصدر النزاع بينهما وجود خلاف في المقصود بكلمة عقار. لكن التحليل الاقتصادي للآثار يستند إلى المعنى الواسع لا الضيق للعقار. والسؤال التالي: كيف يؤثر ما سبق في تنمية وتطور الاقتصاد؟ آلية التأثير الأولى من خلال السوق وتبادلاتها. وتبعا لذلك يكون السعر المؤشر الأول في السوق. ولندخل في التفاصيل بدءا بجانب العرض في السوق. البناء وخدمات العقار الأخـرى تشكلان جـزءا كبيرا من الاقتصاد، وتوظفان نسبة كبيرة من اليد العاملة. وهنا بعض التحديات. أول تحد فيما يخص بلادنا هو قوة الاعتماد على الاستيراد سواء اليد العاملة أو المدخلات. والتحدي الثاني، وهو عام بين الدول، يتلخص في كيفية زيادة إنتاجية العقار، موضوع طويل بطبيعته. وهنا عدة نقاط. الدفع بسياسات تجعل قطاع العقار- السكني خاصة – تصميما وتنفيذا محركا من محركات النمو الاقتصادي. ذلك أن الاستثمار في البناء وما يبنى عليه من أعمال وصناعات ضخم، ويشكل نسبة كبيرة تقارب خمس الناتج المحلي الإجمالي. وكلما زادت إنتاجية هذه الأعمال والصناعات أسهمت في تحسين نمو الاقتصاد. زيادة الإنتاجية بتحسين المهارات وتطوير أساليب وأدوات البناء ونحو ذلك. يدخل في تحسين المهارات التطورات الهندسية والمهنية المؤثرة إيجابيا في الجودة من خلال التكلفة أو الاستعمال أو كليهما. الكلام السابق يمكن تطبيقه أيضا على البنى التحتية المطلوبة للتطور العقاري. خاصة أن الاستثمار والإنفاق الرأسمالي في البنية التحتية مفتاحان مهمان في التنمية الاقتصادية خاصة على المدى البعيد. ماذا بشأن جانب الطلب؟ كيف نجعله مؤثرا إيجابيا في نمو وتنمية الاقتصاد؟ من جانب العقار الإسكاني، المطلب الأول تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان. من المهم في الجوانب الأخرى، بناء طلب يهتم بالتحديث والإنتاجية والكفاءة ونحو ذلك. هل توجد علاقة بين تملك العقار والتنمية؟ التنمية الاقتصادية كلمة عريضة تعني باختصار جهودا مركزة مستمرة من أصحاب السلطة والمجتمع لاقتصاد صحي يعمل على توفير مستوى معيشي أفضل يتصف بالاستمرار ضمن نطاق جغرافي محدد. وهـذه الجهود تنصب على تطوير الموارد البشرية والبنية التحتية والتنافسية وبيئة مستقرة ومجتمع صحي آمن واع. وتتلخص العلاقة بين التطوير الاقتصادي والتطوير العقاري في كون أن تحقق التطوير الاقتصادي يعني توافر مستوى معيشي أفضل. والتطوير العقاري عنصر في تحقيق ذلك. ولكن كيف؟ ببناء نوع من الثقة والعلاقة الحسنة بين الطرفين المشتري أو المستخدم والبائع أو المطور العقاري. ثقة تنتج منافع للطرفين، وتسهم في رفع مستوى معيشة المجتمع وبنية الاقتصاد.
ويمكن دعم وتبني أو وضع سياسات عديدة تدعم بناء هذه الثقة. وتؤكد الكلام السابق دراسات كثيرة. ومن أهم ما كتب كتاب صدر عام 2015 ،عنوانه “العقار والإنشاء المعماري والتنمية الاقتصادية في اقتصادات الأسواق الصاعدة “Construction, Estate Real Emerging in Development Economic and Economies Market بل تقول دراسـات إن السياسات العامة المهتمة بزيادة نسبة التملك السكني، فائدتها ليست فقط في رفع مستوى دخل وثروة المجتمع، بل في رضاه وسعادته. في المقابل تدني نسب التملك واستمرارها كذلك دليلان على أن أكثر الناس لا تملك أصـولا. وهذا دليل فشل سوقي. وهذه العبارة، أعني فشل السوق failure market تعني وضعا تفشل فيه السوق في توفير سلع وخدمات بالمستوى الأمثل اجتماعيا. لماذا حصل هذا الفشل، وهل من حلول؟ موضوع طويل.