عمر الختالي يوضح لماذا يجب على الأمم المتحدة أن تمنع إلغاء التجميد عن الأصول الموجودة خارج البلاد
بقلم: فانيسا توماسيني
بينما تحتدم الاحتجاجات في ليبيا بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية والفساد المستشري بين المسؤولين في الدولة، بتاريخ 4 أغسطس، قام “علي محمود حسن محمد”، رئيس مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار (LIA)، وبعد مشاورات مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني (GNA) السيد “فايز السراج”، بالإعلان عن أن صندوق الثروة السيادية، والشركة القابضة، الذي تديره الحكومة يخطط لمطالبة الأمم المتحدة بإلغاء التجميد كليًا أو جزئيًا عن الأصول الليبية الموجودة خارج البلاد.
مدير صندوق الثروة السيادية الليبي يطالب الأمم المتحدة بالسماح للصندوق باستثمار مليارات الدولارات المعطّلة في حساباته، وذلك بعد أن خسر نحو 4.1 مليار دولار أمريكي من عائدات الأسهم المحتملة في غضون ما يقارب عشر سنوات من العقوبات. بتاريخ 16 ديسمبر 2011، فرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عقوبات على المصرف المركزي الليبي وعلى المصرف الليبي الخارجي، وهو مؤسسة خارجية مملوكة للمصرف المركزي، وذلك دعمًا للاحتجاجات ضد العقيد “معمر القذافي”. وتُقَدَّر قيمة الأصول الليبية المجمدة بـ 150 مليار دولار أمريكي. لم يتم الإفراج إلا عن 18 مليار دولار أمريكي في السابق، تم توفير 3 مليارات دولار أمريكي فقط منها لطرابلس. ووفقًا للأمم المتحدة، فإن هذه الأصول ضرورية لدفع رواتب الموظفي الحكوميين وإعادة بناء مؤسسات الدولة.
كانت حكومة الوفاق الوطني قد حاولت إلغاء التجميد عن تلك الأصول سابقًا. ففي عام 2016، طلبت حكومة “فايز السراج” من مجلس الأمن الدولي الموافقة على إعفاء المؤسسة الليبية للاستثمار من العقوبات، ولكن تم رفض ذلك الطلب، حيث أن الأمم المتحدة كانت ترغب في أن ترى تشكيل حكومة مستقرة قبل القيام بذلك. وعلى الرغم من أن المؤسسة الليبية للاستثمار لا تضغط من أجل التراجع الكامل عن الوضع السابق، إلا أنها تهدف إلى تقديم طلب إلى لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة لإجراء تعديلات تمكّنها، من خلال وصي، من استثمار بعضٍ من الأموال المجمدة البالغة قيمتها 12.7 مليار دولار أمريكي والتي يحتفظ بها مديرو الاستثمار لديها.
“فايز السراج”، بصفته رئيسًا للوزراء، هو أحد الأعضاء السبعة الذين يتألف منهم مجلس الأمناء، والذي بدوره يقوم بانتخاب مجلس الإدارة. قام “أحمد معيتيق” و”عبد السلام كجمان”، وهما عضوان آخران في المجلس الرئاسي ومقره في طرابلس، بتقديم طلب رسمي لحضور أي اجتماع مستقبلي بشأن المؤسسة الليبية للاستثمار. ولقد كان لعقوبات الأمم المتحدة تكلفة كبيرة على المؤسسة الليبية للاستثمار مع فرض قيودٍ على الاستثمار، مما يعني أن المؤسسة خسرت حوالي 4.1 مليار دولار أمريكي من العائدات المحتملة فيما إذا كانت قد استثمرت بما يتماشى مع متوسط السوق. وكان رئيس مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار، “علي محمود حسن محمد”، قد قال لرويترز في الأسبوع الماضي إن تقلبات السوق في أثناء أزمة فيروس كورونا قد أضرّت بالمؤسسة، حيث أنها خفضت قيمة مخزونها بنحو 5 في المائة ودفعت إلى إعادة هيكلة محتملة للديون لبعض الشركات التابعة لها والبالغ عددها بالمئات.
على الرغم من قيام اللاعبين الرئيسيين والأمم المتحدة حاليًا بإجراء محادثات مكثفة مع الأطراف الليبية لضمان التقسيم الصحيح لعائدات النفط وموارده، فهل السماح لحكومة الوفاق الوطني بإدارة هذه الاستثمارات ستكون فكرة حسنة؟ ولماذا الآن؟ سنتحدث عن ذلك مع السيد “عمر الختالي”، الرئيس السابق لصندوق العقارات في المؤسسة الليبية للاستثمار، من 2012 إلى 2016؛ وهو اليوم المدير التنفيذي لمكتب (الختالي للاستشارات) Khattaly Consulting، وهو مكتب استشارات في الاستثمار الدولي مقره في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو كذلك مؤسس “المنبر الليبي للاقتصاد السياسي” Libya Political Economy Platform. ومن المثير للاهتمام ملاحظة أن السيد “هيثم الهادي”، المدير المالي للمؤسسة الليبية للاستثمار، لم يُبدِ أي تعليق بعد تلقيه أسئلتنا.
شكرًا لك يا سيد الختالي على قبولك هذه الدعوة. نتحدث عن إدارة الاستثمارات وترك الأصول مجمدة. بصفتك خبيرًا، هل يمكنك أن تبيّن لنا ما يحاولون فعله؟
“في هذه المرحلة المحورية من تاريخ ليبيا، يجب ترك الأصول مجمدة بكل تأكيد. لا تمتلك المؤسسة الليبية للاستثمار ولا حكومة الوفاق الوطني الخبرة أو المعرفة اللازمتين لإدارة هذه الأموال أو الوصاية عليها. فمنذ تأسيس الصندوق، أخفقت المؤسسة الليبية للاستثمار في إدارة هذه المليارات، ولم تتمكن الإدارة من فعل شيء سوى إثبات خبرتها في رفع الدعاوى وخسارة المليارات بسبب صفقات وممارسات مشبوهة. قبل إجراء أي تغييرات بغية إلغاء تجميد هذه الأموال، يجب على الأمم المتحدة مطالبة المؤسسة الليبية للاستثمار وحكومة الوفاق الوطني بأن تنشرا علنًا تقاريرهما المالية السنوية عن السنوات العشر الماضية وأن تكشفا عن بياناتهما المالية وممارساتهما وفقًا لمبادئ سانتياغو للشفافية الدولية والإفصاحات.”
ما رأيك في هذا القرار الجديد الذي اتخذته حكومة الوفاق الوطني؟ هل نواجه محاولة أخرى للالتفاف على عقوبات الأمم المتحدة؟
“بالتأكيد. فمنذ عام 2015، فشلت حكومة الوفاق الوطني في تحقيق أي قدر من الاستقرار للمؤسسات الحكومية، مما أدى في آخر المطاف إلى انهيارها الكامل وزيادة الفساد في صفوفها. أعتقد أن هذه محاولة أخرى من جانب حكومة الوفاق الوطني للوصول إلى هذه الأموال بغية زيادة تمويل أجندتها وتعزيز موقعها في السياسة الليبية. وباختصار، فإن الحكومة التي لا تستطيع جمع القمامة من شوارعها، لا ينبغي الوثوق بها بمبلغ قدره 12.4 مليار دولار أمريكي، وهو ما يعادل الميزانية السنوية للعديد من الدول المجاورة لليبيا.”
ما هي المخاطر المرتبطة بهذه العمليات فيما إذا وافقت الأمم المتحدة على طلب مجلس رئاسة طرابلس؟
“أولًا، سيكون لها تأثير سلبي على عملية السلام. خاصة وأن توزيع الثروة هو نقطة الصراع الرئيسية في المفاوضات الحالية. ثانيًا، هذا الأمر سيفتح الباب للمزيد من الفساد والصراع في ما بين صانعي القرار في حكومة الوفاق الوطني والمؤسسة الليبية للاستثمار بشأن اختيار وصي أو مدير للصندوق لإدارة هذه الأموال المجمدة كما طالبت المؤسسة منذ أسبوعين. لقد أخفقت المؤسسة الليبية للاستثمار في تقديم قضية واضحة وشفافة إلى الشعب الليبي حول كيفية تخطيطها لإدارة هذه الأموال، والطريقة التي ستتبناها، ومَن الذي سيمنح العقد النهائي لإدارة هذه الأموال بمجرد رفع تجميد الأمم المتحدة جزئيًا عنها. ثالثًا، وهي النقطة الأكثر أهميةً، احتمال خسارة هذه الأموال كما حدث للمليارات من قبل.”
في شهر فبراير من عام 2019، قام الرئيس “السراج” بتعيين السيد “يوسف المبروك”، رئيس أركانه، نائبًا لرئيس مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار، و”مصطفى المانع”، مستشار مصرف ليبيا المركزي، عضوًا إضافيًا في مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار. وقد وصفت صحيفة “ليبيا هيرالد” اختيار “السراج” بـ “المثير للجدل”. ما رأيك؟ هل يُعَدُّ هذا سببًا آخر يجعل الأمم المتحدة تمنع حكومة الوفاق الوطني من لمس أصول وأموال الشعب الليبي؟
“لسوء الحظ، وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، كانت خيارات المجلس الرئاسي بخصوص قطاع الاستثمار الأجنبي في ليبيا تستند بشكل أساسي على المحسوبية والولاء، وكانت بعيدة عن المؤهلات والخبرة. إنهم يهتمون بالسيطرة على مراكز المال والعملات الصعبة أكثر من اهتمامهم برفاهية الشعب الليبي. أما تأمين عائدات كبيرة من استثمارات ليبيا للأجيال القادمة في البلاد فلم يكن من ضمن أولويات هذه الحكومة على الإطلاق. وباختصار، فإنني أؤيد بشدة الإبقاء على تجميد هذه الأموال حتى نشهد وضع دستور قوي وحكومة شرعية منتخبة من قبل الشعب يمكن محاسبتها على الحكم العام للبلاد وإدارة ثروتها