بكين 22 أكتوبر 2020 (شينخوا) دخلت المؤشرات الاقتصادية الرئيسية للصين إلى منطقة النمو الإيجابي خلال الربع الثالث من العام الجاري، ما يظهر أن تدابير الوقاية من مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) والتعافي الاقتصادي في الصين لا يزالان في الصدارة بين كبرى الاقتصادات العالمية.

وخلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام، نما إجمالي الناتج المحلي للبلاد بنسبة 0.7 بالمئة على أساس سنوي، ليعود مجددا إلى النمو بعد انكماش بنسبة 1.6 بالمئة في النصف الأول من العام. كما أظهرت مؤشرات رئيسية أخرى تحسنات شاملة، حيث ارتفع الناتج الصناعي للبلاد بواقع 5.8 بالمئة فيما سجلت مبيعات التجزئة أول نمو فصلي، بزيادة بنسبة 0.9 بالمئة على أساس سنوي خلال الربع الثالث.

وتعكس هذه البيانات الحديثة الإنجازات الاستراتيجية الرئيسية للصين في مكافحتها لوباء كوفيد-19. ولم تكن هذه الإنجازات سهلة المنال، إذ لاحتواء وباء كوفيد-19 دفعت البلاد ثمنا باهظا لضمان صحة وسلامة شعبها. وتتسم روح المعركة الشجاعة للبلاد ضد الفيروس بوضع حياة الناس في المقام الأول، والتضامن بين كافة أرجاء البلاد والتضحية واحترام العلم والإحساس بالمهمة من أجل الإنسانية. وظهرت الثمار جلية.

فبحسب تقرير لصندوق النقد الدولي، فإنه من المتوقع أن ينمو اقتصاد الصين بنسبة 1.9 بالمئة في عام 2020، بزيادة 0.9 نقطة عن توقعات الصندوق في شهر يونيو الماضي، وهو ما سيجعل الصين كالاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي يشهد نموا إيجابيا هذا العام.

إن نمو الاقتصاد الصيني يعد أمرا إيجابيا للاقتصاد العالمي، وقد يفيد على وجه خاص مصدري السلع والدول المرتبطة بالاقتصاد الصيني من خلال سلاسل القيمة العالمية.

بيد أنه يتعين الإشارة إلى أن المخاطر النزولية لا تزال قائمة. وبين تلك المخاطر عودة ظهور الفيروس وتنامي القيود على التجارة والاستثمار جراء الأحادية والحمائية، فضلا عن عدم اليقين الجيوسياسي المتزايد. وعلاوة على ذلك، فإنه رغم حقيقة أن إنفاق المستهلكين يواكب التعافي الاقتصادي الواسع للبلاد، إلا أن زخم الاستهلاك الكلي لم يعد إلى معدله الطبيعي بعد.

وتعهدت الصين مؤخرا بإرساء نمط “التداول المزدوج” التنموي، الذي يتخذ من السوق المحلية دعامة أساسية ويشجع السوقين المحلية والأجنبية على دعم بعضهما البعض. ويهدف هذا النمط التنموي إلى خلق مرونة مع تنمية داخلية أفضل وانفتاح أوسع ضد الرياح الخارجية المعاكسة. ويعد ازدهار سوق الاستهلاك خلال العطلة الوطنية والخطة الرامية إلى تطبيق إصلاحات تجريبية في شنتشن خلال الأعوام الخمس المقبلة بمثابة شواهد على بروز هذا النمط التنموي الجديد.

فمع سوق شاسعة تضم 1.4 مليار شخص، سيعمل الاستهلاك المحلي المتزايد في الصين على تحسين الطلب العالمي بشكل عام من خلال التجارة الدولية، كما أن تعزيز الانفتاح سيتيح للصين تقاسم ثمار إصلاحها مع دول أخرى.

إن التنمية المستقرة في الصين ستمكنها من المساهمة بشكل أكبر في أجندة التنمية العالمية. واضطلعت البلاد بدور هام في إمداد الدول الأخرى بالمعدات الطبية التي تشتد الحاجة إليها، وبذلت جهودا حثيثة لدفع التعاون العالمي في تطوير لقاح ضد كوفيد-19. ولمواجهة التغير المناخي، فإنه من المتوقع وضع هدف بشأن تركيز الكربون في الخطة الخمسية الـ14 للبلاد (2021-2025) بما يتماشى مع أهداف الوصول إلى ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني قبل عام 2060.

وبينما يواجه الاقتصاد العالمي معركة شاقة وسط الجائحة، يتوفر لدى الصين الأساس والظروف والثقة للحفاظ على الاتجاه الراهن للتعافي والتنمية الاقتصادية. ومع مواصلة البلاد إعادة التوازن لنمطها التنموي، فإن تقدمها وفر حماية للاقتصاد العالمي وسيكون له تأثير على دول أخرى.

القائمة