مَـقالْ / نورالدين رمضان حبارات
تزايدت مؤخراً و للأسف البيانات و المطالب بشأن العمل على إستمرار توقف عمليات انتاج و تصدير النفط بشكل كامل في كافة أنحاء البلاد رغم التداعيات و الأثار الكارثية التي ستخلفه مطالب كهذه على الإقتصاد المنهك .
و اليوم لن نتحدث عن قيمة الإيرادات الضائعة و المؤكدة التي سوف تخسرها البلاد جراء عمليات التوقف و التي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات خاصةً في ظل الطفرة النفطية التي تشهدها اسعار النفط في الأسواق العالمية و التي أستقرت فوق حاجز 120 دولار للبرميل و بنسبة زيادة تقدر ب %90 في المتوسط عن مستوياتها في 2021 م رغم سياسات الإقفالات و القيود التي فرضت مؤخراً على الإقتصاد الصيني تاتي أكبر إقتصاد في العالم .
بل سنتحدث عن الخسائر الحثمية و المؤكدة التي ستضرب الإقتصاد الليبي و ستضعه على حافة الإنهيار الكامل Edge of total collapse و ذلك في حال ما أستمرت عمليات الإقفال الكلي و الشامل للحقول و الموانئ النفطية في كافة أنحاء البلاد .
فإيقاف التصدير يعني عملياً إستمرار السحب من رصيد الإحتياطي الأجنبي الذي خسر خلال السنوات الماضية ما يقارب %49 من قيمته بعد أن تخطى حاجز 110 مليار دولار في نهاية 2011 م .
فالنفط هو المغدي الوحيد لرصيد الإحتياطي الأجنبي و غيابه يعني تسارع تأكله خاصةً في بلد يعتمد على العملات الأجنبية في توفير كافة إحتياجاته تقريباً و ميزانيته أو إنفاقه العام في تزايد ملحوظ .
و بما إن رصيد الإحتياطي الأجنبي للمركزي بعد تغطية وعاء العملة يقارب من 46 مليار دولار ما يكفي لتغطية مدفوعات و واردات البلاد لمدة 28 شهر فقط و ذلك وفق لبيانات رسمية حديثة أي بمعدل 1.640 مليار دولار شهرياً و بما يعادل 20 مليار دولار سنوياً و هذا ما أثبتته حركة ميزان المدفوعات خلال سنوات 2018 م ، 2019 م ، 2021 م التي شهدت تدفق طبيعي لإنتاج و تصدير لنفط .
فإن إستمرار عمليات الأقفال ستلزم المركزي بفرض قيود عدة صارمة على إستخدامات النقد الأجنبي للحد من إستنزافه و بما يقلصها إلى 10 مليار دولار سنوياً كحد أقصى و هذه القيود سيكون لها أثار و تداعيات قاسية على الأوضاع المعيشية للمواطنين و ستفاقم معاناتهم بشكل أكبر جراء الإنهيار المحتمل لقيمة الدينار و المزيد من التأكل للقدرة الشرائية لدخولهم و مدخراتهم و شح السيولة و تدهور أكثر للخدمات الأساسية سيما الصحة و الكهرباء .
كما إن تسارع تأكل الإحتياطي الأجنبي ستكون له أثار و تداعيات لا تقل قساوة على جانب الميزانية العامة ، فمقابل مبيعات النقد الأجنبي هو المصدر الوحيد لتمويل الميزانية .
و نحن رأينا عندما الحكومة تقترح ميزانية ب 90 مليار دينار فهذا يعني إنها قدرت إيراداتها النفطية بقيمة 20 مليار دولار تقريباً .
أي إن 20.000 * 4.48 = 89،600 مليار دينار .
و لكن عندما تقدر إيراداتها النفطية ب 4.000 مليار دولار فقط أي ما يعادل 18.000 مليار دينار تقريباً فهي محتاجة إلى 72 مليار دينار .
فهذا يعني تفاقم للدين العام و تخفيض كبير في فاتورة الإنفاق العام بما فيها المرتبات و الدعم .
كما يحد تسارع تأكل الإحتياطي الأجنبي من قدرة الدولة على مواجهة أي حدث طارئ أو إسثتنائي كحالات تفشي الأوبئة و الكوارث الطبيعية و تداعيات ركود الإقتصاد العالمي .
و يضعف الملاءة المالية للدولة في عدم قدرتها على سداد إلتزاماتها المالية ما يجعل لجوؤها إلى الإقتراض من المؤسسات و الأسواق المالية الدولية أكثر كلفة .
و عليه و بناءا على ما تقدم فإن الإستئناف الفوري للإنتاج و التصدير في كافة الحقول و المواني النفطية مع شرط تجميد قيمة العائدات و إقتصار تسييلها و صرفها على المرتبات و الدعم و ذلك إلى حين حسم الأمر في مسألة التنازع عن الشرعية يبقى الخيار الأفضل لتفادي إلإنهيار الوشيك للإقتصاد لإن تكلفة ذلك ستكون مؤلمة و مكلفة باهظة الثمن و لا حدود لها و المواطنين البسطاء وحدهم من يتحمل أعبائها .