إبراهيم موسى قرادة
ما يحدث هل هو تهريب وتجفيف، أم غفلة وإهمال ولا مبالاة، أو أن هناك إدراك ووعي بالمسألة؟
ليبيا ابتليت بحروب وصراعات، ونكبت بقيادات تخلط بين الاقتصاد والمالية ولا تفرق بين الاقتصاد والمحاسبة وتمزج الاقتصاد والتجارة، واقصى الحصاد خراب البلاد.
نموذج لأرقام صادمة تكشف درجة الإغفال عن مصير ليبيا المعيشي، الذي أولى بالاهتمام السياسي، عوضًا عن مناكفات ومماحكات واستعراضات وزيارات لا تملأ قربة راعي بماد أجاج، أي شديد الملوحة والمرارة معًا.
– عملية حسابية بسيطة يعالجها ويفهمها تليميذ/ة في الصف الرابع الابتدائي، فقط باستبدال التصدير والاستيراد بأن امك اعطت تفاحة او برتقالة، او ان والدك أعطاك دينار لشراء خبز. وهي عمليات يستطيعها الشخص الأمي، ولا يعجز عنها إلا المتخلف عقليا.
– حسب بوابة الوسط، والمؤسسة الوطنية للنفط، أنه خلال شهر أبريل 2021، بلغت إيرادات النفط والغاز والبتروكيماويات أرقاما قياسية تساوي 1 مليار و 315 مليون دولار تقريبًا – من المهم التركيز على تعبير تحقيق أرقام قياسية!
– مصرف ليبيا المركزي يصرح لموقع صدى الاقتصادية، أنه خلال الخمس الأشهر الأولى لسنة 2021، بلغت مبيعات النقد الأجنبي 8 مليار و 200 دولار (منها 4.4 مليار دولار لاعتمادات استيراد وتوفير احتياجات السوق الليبي من السلع ومستلزمات الانتاج و 3.8 مليار دولار للأغراض الشخصية بطاقات 10 آلاف دولار وحوالات).
– أي متوسط مبيعات النقد الأجنبي الشهرية هو 1 مليار و 640 مليون دولار.
– بعملية طرح تقريبية بسيطة بين الداخل للخزانة الليبية من العملات الاجنبية عبر مبيعات النفط والغاز وهو 1.315 مليار دولار، من الخارج من الخزانة كتحويلات نقدية للخارج وهو 1.640 مليار دولار؛
– يكون العجز الشهري في حدود 325 مليون دولار شهريًا، أي قرابة ثلث مليار شهريًا.
أى عجز في ميزان المدفوعات الخارجية بحوالي 4 مليار دولار سنويًا.
– ذلك هو مبلغ الحد الأدنى، واما الواقع المتوقع سيكون أكبر، لأن تصريح المصرف لم يشتمل تحويلات الديون والالتزامات العسكرية والصحية والتعليمية والخارجية لعدم إتمام الميزانية.
– كما إنه ذلك لا يشمل مستلزمات وتحويلات استيراد معدات وعقود التنمية وإعادة الإعمار.
– بجانب تكاليف تشغيل وصيانة وإنتاج وتأمين المنشآت النفطية، التي ربما تكون في حدود 6 دولار للبرميل، والتي تخصم من إيرادات المبيعات في مراحل لاحقة.
– المعروف ان ليبيا دولة شبه مغلقة حاليًا من ناحية السفر بسبب آثار الحرب وقيود الكرونا، فما هو تفسير ضخامة مبلغ التحويلات الشخصية والتي متوسطها الشهري 760 مليون دولار، او حوالي من 86% من فاتورة كل الاستيراد السلعي المقدرة بـ 880 مليون دولار شهريًا. فهل من معقول المنطق أن تتقارب التحويلات الشخصية لعدد محدود من الليبيين (الذين لهم قدرة شراء 10 الاف دولار بـ 50 الف دينار) مع استيراد حاجيات سوق 7 مليون نسمة؟
– حسب بعض الدراسات فإن السعر التعادلي الادنى للنفط هو 70 دولار لليبيا لضمان ميزانية متينة بدون عجز، مع توقعات ان يكون متوسط السعر العالمي لسنة 2021 هو 67 دولار للبرميل. هو أقل من السعر التعادلي الادنى المرغوب.
– السياسة الانفاقية التوسعية المستمرة التي تنتهجها الحكومات المتعاقبة والبرلمان ستطلق موجة تضخمية رهيبة ستفقر الناس وتحطم الدينار وتسرع من تهريب العملة، وحصادها لن يتأخر لمن يشتري الوقت على أمل ان يسدد المستقبل الفاتورة.
– بضم كل المنتظرات فالعجز سيكون ضخمًا وقاسمًا وسيلتهم في سنوات قليلة ما تبقى من ارصدة قليلة يمكن التصرف فيها وتسييلها بسرعة. الدول النفطية كُعمان والسعودية تقوم بإجراءات شد اقتصادي، ودول مثل لبنان وتونس في عمق وعنق الدوامة الاقتصادية.
– كلنا نعلم ان 95% من الناتج القومي الليبي يعتمد بصورة مباشرة أو غير مباشرة على النفط.
الموضوع جلل والمسألة جدية، وهي أولًا في صميم عمل رئيس الحكومة الذي عليه التركيز على الضرورات والضرويات السياسية.