عبد الحكيم التليب
هناك حوالي 100 مليار من الدينارات الليبية الراكدة في المصارف الليبية الحكومية، ونصف الحكومية، وثلاثة ارباع الحكومية، وتحت بلاط (زليز) بعض المباني، وفي الكرطونيات، وفي الوسائد، وفي جيوب الناس.
الوضع الطبيعي هو أن تتحول هذه المليارات الراكدة والمحبوسة الى إستثمارات ومشاريع ومبادرات، وهذا سيؤدي الى:
الإنتعاش الإقتصادي وتوفر الخدمات والبضائع وفرص العمل
ـ تخفيض معدلات الجرائم بنسبة حوالي 99% دون الحاجة الى قوات أمن ومحاكم وسجون،
ـ تخفيض المشاكل الإجتماعية بنسبة حوالي 90% دون الحاجة الى نصائح السادة الوعاظ والحكماء المكررة والمُستهلكة، والمملة،
ـ راحة الأعصاب وإنخفاض معدلات الإجهاد وتراجع جذري في المشاكل الصحية وأمراض السكر وتصلب الشرايين، والزهايمر،
ـ الخ،، الخ،، الخ من عشرات وربما مئات النتائج الأخرى الإيجابية.
تحويل هذه المليارات الراكدة الى إستثمارات ناجحة وفعالة أمر ممكن ومتاح عبر (وسائل المشاركة والتمويل والإستثمار) الحديثة المعروفة والمشهورة، وهذه الوسائل ستحتاج طبعا الى سياسيات نقدية تنتمي الى القرن 21 ينفذها مصرف مركزي ينتمي أيضا الى القرن 21 وليس المغارة الحالية التي تعود الى عصر فرعون الأول، وسيحتاج الى نظام ضريبي وسياسيات ضريبية تنتمي الى القرن 21، وسيحتاج الى نظام حكم محلي حقيقي ينتمي الى القرن 21 ويقوم على مبدأ (الحكومة المتعددة المستويات) وليس مسرحية الإدارة المحلية الجوفاء والمثيرة للشفقة الموجودة حاليا، وسيحتاج طبعا الى نظام سياسي ينتمي الى القرن 21 وليس الصيغة الإقطاعية الحالية التي يرجع تاريخ تصميمها الى عصر النمرود.
كل هذه الصيغ والوسائل متاحة ومتوفرة بالمجان ويسمونها (دولة المواطنة الحديثة)، والقرار في يد الملايين المنهوكة التي تقف في الطوابير وتتولى تسديد الفاتورة الباهضة، وهذه الملايين هي الجهة التي بإمكانها أن تخرج الى الشوارع والميادين لكي تفرض هذه الصيغة وتنقد نفسها وتستعيد أنسانيتها وأدميتها،،، أما بالنسبة الى السادة الخبراء والقياديون والمتصدرون الذين أفرزتهم الجماهير المهمشة فأن الأمر لا يعنيهم ولا يهمهم كثيرا، بل أن من الجائز أنهم يفضلون بقاء وإستمرار الوضع البائس الحالي كما هو، وهم معزولون في سراديبهم وأبراجهم العاجية وبرهنوا بصورة عملية على أنهم لا يمتلكون أصلا القدرة على رؤية البشر من حولهم وإستيعاب ما هي دولة المواطنة الحديثة؟!