مَــقالْ / نورالدين رمضان حبارات
( قراءة تحليلية من واقع بيانات رسمية ) .
بلغت مدفوعات النقد الأجنبي لكافة الأغراض خلال العام المنصرم 2021 م ما قيمته 24.500 مليار $ وفق لبيان صادر عن المركزي ( مرفق صورة ) تفاصيلها كالتالي .
10.700 مليار $ قيمة إعتمادات مستندية
7.800 مليار $ بطاقات و أغراض شخصية
192 مليون $ حوالات علاج و دراسة
5.800 مليار $ أغراض حكومية .
محاسبياً مدفوعات بمثل هذه القيمة قد لا تعني شيء و الدليل حتى تعاطي الكثير من المواطنين بما فيهم المختصين و المهتمين بالشأن الإقتصادي كان عادي جداً و لم يولوا إهمية لمثل هذا الموضوع و أنصب كل تركيزهم فقط على عدم ظهور العجز في ميزان المدفوعات و ذلك بعد أن أدرج المركزي في بيانه مبيعات نفطية مجمدة عن العام 2020 م .
لكن إقتصادياً و إستراتيجياً فالموضوع مختلف تماما ، فمدفوعات بتلك القيمة خلال عام تعني لنا ما يلي .
1- البلاد بحاجة على الأقل إلى 2.000 مليار $ شهرياً لتوفير إحتياجاتها
2- البلاد بحاجة إلى مبيعات نفطية بقيمة تزيد عن 24.000 مليار $ سنوياً لتفادي مستقبلاً العجز في ميزان المدفوعات و المحافظة على ما تبقى من رصيد الإحتياطي الأجنبي
3- عدم إستيفاء ما ذكر في النفطيين السابقين يعني مزيد من الضغوط على سعر الدولار و إرتفاع أسعاره ما يعني لنا مزيد من الإنخفاض في قيمة الدينار و تأكل القدرة الشرائية لمرتبات و دخول و مدخرات المواطنين جراء إرتفاع معدلات التضخم ، فالبلد كما هو معروف إستهلاكي بإمتياز و يعتمد بشكل شبه كامل على الإستيراد في توفير كافة إحتياجاته .
لكن المشكل ليس في هذا فقط بل المشكل في إن ما نسبته %33 من قيمة تلك المدفوعات أي 8.000 مليار $ كانت كافية للنهوض بالقطاع الصناعي في مجالات توطين الصناعات الغدائية و الادوية و الكتاب المدرسي ، و كانت كافية أيضاً لتطوير القطاعي الصحي و التعليمي عبر توطين العلاج و الدراسة بالداخل و كافية أيضاً للنهوض بالقطاع الزراعي و إلثروة الحيوانية لتوفير نسبة لابأس بها من إحتياجات البلاد من الغداء ، كما إنها كافية لتطوير البنى التحتية من طرق و مطارات و محطات كهرباء و ملاعب رياضية متطورة أسوة بما نراه و للاسف في دول أفريقية كانت تصنف كدول فقيرة و ذلك متى آديرت و فق لخطط و سياسات و إسترتيجيات تنموية بعيدة المدى لا أن يتم بعثرتها و صرفها بطريقة عشوائية لإغراض إستهلاكية و تسييرية لا إنتاجية في إطار حلول تلفيقية ، فجل قيمة تلك المدفوعات تقريباً وجهت لأغراض الإستيراد و أغراض أخرى كان من الممكن الإكتفاء منها ذاتياً عبر توفيرها جزء كبير محلياً ، بل هذه المدفوعات و على هذا النحو أصبحت تفهم بمثابة دعم مجاني لإقتصاديات الدول الأجنبية .
و المؤسف جداً هو إن البلاد فقدت قرابة نصف إحتياطياتها من النقد الأجنبي على مدار العشر سنوات الماضية دون تحقيق أي نتيجة تذكر ، فالبنية التحتية متهالكة و الخدمات سيئة و معاناة مواطينها مستمرة و في تفاقم ، و بإسثتناء الأعوام ، 2015، 2016 ، 2020 م التي اوقف خلالها انتاج و تصدير النفط بشكل شبه كامل فإن مدفوعات البلاد من النقد الاجنبي خلال الاعوام 2012 ، 2013 ، 2014 ، 2018 ، 2019 ، 2021 م قاربت من 196 مليار $ وفق لبيانات رسمية صادرة عن المركزي تفاصيلها كالتالي .
2012 42 مليار $
2013 46 مليار $
2014 39 مليار $
2018 23 مليار $
2019 24 مليار $
2021 24 مليار$
الإجمالي 198 مليار $ .
و السؤال هو ، إلى متى الإستمرار في هذه السياسات المتخلفة ألم يحن الوقت بعد لإيقافها و نبذها ؟؟؟ .
و في الختام فالرسالة التي يجب علينا إستيعابها هي الكلمات الشهيرة للفيلسوف و الأديب الأمريكي نعوم تشومسكي عندما قال ( لا يوجد شيء إسمه بلد فقير يوجد فقط نظام فاشل في إدارة موارد البلد ) .