وفقا لإعلان وزارة المالية لجدول المرتبات الموحد: ما هو الحل لمرتبات قد تصل إلى 60 مليار دينار سنويا

مَــقالْ / د.محمد أحمد الشحاتي

أعلنت وزارة المالية أنها قدمت مقترحا لجدول مرتبات موحد للجهات التي تمول من الانفاق الحكومي، وذلك بمحاولة توحيد المرتب وفقا لدرجات وظيفية محددة سلفا وبذلك يتم إلغاء جميع الترتيبات الأحادية السابقة. ليس واضحا كيف يمكن تطبيق هذا الجدول الموحد، ولكنه في أغلب الأحوال يمكن اعتباره عودة لترتيبات قانون رقم (15) الشهير الذي صدر في بداية الثمانينات والذي ألغى الفروق العالية بين القطاعات الاقتصادية التابعة للدولة، ولكن في هذا الترتيب بمستويات مالية ابتدائية أعلى.
الفكرة تدور حول مفهوم أساسي هو أن المرتب الحكومي لمختلف القطاعات يجب أن يكون متساويا وفقا لمعايير موحدة كونه آتيا من دخل النفط والذي يعتبر ثروة طبيعية لم يسهم أحدا في وجودها. هذا يلغي التمايز بين القطاعات ويقدر اسهاماتها للدخل القومي بصورة متساوية. إذا الجدول الجديد يحمل نفس الموروثات المعيبة التي حملها قانون 15 القديم والتي ستظهر مستقبلا بالتأكيد وبالتالي فأننا نعيد ارتكاب نفس الأخطاء بنفس الأدوات والتاريخ يعيد نفسه في صورة مأساة كما كان يقول جو برنارد شو.
الكادر الحكومي الذي يبدأ بمستوى 60 مليار دينار في 2022 يتوقع أن ينمو سنويا بما لا يقل عن 5% نتيجة تحرك الموظفون إلى أعلى سلم الدرجات الوظيفية والزيادات السنوية والاضافات الجديدة للكادر من الخريجين الجدد مع الاخذ في الاعتبار تعاقد جزء من الكادر نتيجة السن. هذا يعني أن بند المرتبات في سنة 2030 سيكون 93 مليار دينار.
الخيارات هنا محدودة:
أولا: إيجاد مصادر جديدة للدخل، أهمها رفع أنتاج النفط إلى 2.2 مليون برميل يوميا ابتداء من سنة 2024 وهذا يحتاج إلى الالتزام بتوظيف استثمارات كبيرة تصل إلى ما لا يقل عن 12 مليار دولار أو 54 مليار دينار ليبي. الخيار الاخر هنا هو زيادة التحصيل الضريبي والجمركي وتخفيض الالتزامات غير الضرورية مثل أعداد السفارات غير المهمة، مصاريف التشغيل الحكومية المرتفعة وغيرها.
ثانيا: إيقاف توظيف الخريجين الجدد ومحاولة توجيههم إلى القطاع الخاص وهذا خيار مؤلم وسيقود إلى تفاقم في مشكلة البطالة نتيجة نقص في القدرة الاستيعابية للقطاع الخاص مقارنة بحجم الخريجين.
ثالثا: تجميد الزيادات أو إبطاء حركة الترقيات وهذا سيعود بالسلب على الروح المعنوية للموظف الليبي.
رابعا: في ظل توقع زيادة التضخم ونقص القوة الشرائية سيتم زيادة حدة التمايز بين القطاعات ومحاولة التأثير على الاقتصاد بالإضرابات العمالية مثل توقيف الصادرات النفطية أو التلكؤ في علاج المرضى أو عرقلة العملية التعليمية لإثبات أهمية قطاع عن قطاع، ومع عدم وجود أي مرونة للحكومة للاستجابة للاحتجاجات سيتأثر الاقتصاد الكلي بصورة سلبية.

الأكثر قراءة

مساحة إعلانية

المزيد من الأخبار

القائمة