محمد أحمد
الاقتصاديات لعبة الاستثمارات، واختيار القرار السليم في الوقت الصحيح.
الاستثمار المبني على التخطيط الجيد يجنب الازمات والاختناقات.
الكهرباء ركن التحضر المدني هي سلعة وليست منحة طبيعية وبالتالي تحتاج إلى استثمارات جسيمة يفترض أن تأتي من حصيلة مبيعاتها.
ماهي خيارات ليبيا الاقتصادية لمصادر توليد الكهرباء، وأعني بالخيارات الاقتصادية هي تلك المصادر المتوفرة محليا وتكنولوجيا من ناحية واقعية.
المصادر العملية هي النفط والغاز الطبيعي.
سيجادل الكثير هنا والطاقات المتجددة، طاقة الرياح والطاقة الشمسية، شخصيا لا أتفق كثيرا عن أن هذه المصادر حل على المستوى المتوسط أو حتى الطويل المقدر بـ 10 سنوات، من زاوية اقتصاديات التكلفة.
هنا سأستعمل بيانات وكالة الطاقة الدولية عن مصادر توليد الطاقة الكهربائية في ليبيا حيث لا توجد بيانات منشورة من جهة ليبية تغطي هذا الجانب. كالعادة سيكون هناك انتقادات لاستعمال قاعدة البيانات الدولية هذه.
ليبيا تحولت للاعتماد على الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء لعاملين: الأول عامل اقتصادي حيث سيمكنها من توفير النفط الأعلى سعرا للتصدير الخارجي والعامل الثاني يتعلق بالبيئة حيث الغاز الطبيعي يبعث أقل 75% من ثاني أكسيد الكربون للجو مقابل النفط. في الرسم البياني توضيح لعملية التحول.
عملية التحول من النفط للغاز محكومة بترتيبات استثمارات نقل الغاز ببناء شبكات أنابيب تصل حقول انتاج الغاز ومراكز تجميعه بمحطات توليد الكهرباء. نظريا يمكن استخدام التوفير الحاصل من التحول والاستفادة بأسعار أعلى للمنتجات البترولية في بناء شبكات خطوط لنقل الغاز. ولكن نظريا في ليبيا دائما ما ينتهي بتعبير “للأسف كان بالإمكان”.
طبعا التوفير محكوم أيضا بالعلاقة بين سعر النفط وسعر الغاز حيث إنه كلما اقترب سعر النفط من سعر الغاز فأن عملية التوفير تتناقص بشكل كبير. هناك رسم بياني يوضح العلاقة.
يمكن أن نقدر أن ليبيا قد حققت وفر اقتصادي في الفترة 2006-2017 بتثبيت مساهمة الغاز الطبيعي عند مستوى 8000 جيجا-وات-ساعة في السنة بقيمة 2.5 مليار دولار أمريكي بالأسعار العالمية السائدة للنفط والغاز. في هذا النموذج فأن الوفر يحسب بأنه الفائض من مبيعات الغاز الطبيعي عن قيمة 8000 جيجا-وات-ساعة مقارنة بقيمة المنتجات النفطية التي ستسهلك للتوليد بديلا عن الغاز والتي كانت يفترض أنها ستباع في السوق العالمية. بمعنى أدق إذا لم تستعمل ليبيا الغاز الطبيعي في هذه الفترة فأنها كانت لتخسر 2.5 مليار دولار.
كان بالإمكان باتباع نموذج استثماري يوجه الوفر السابق للتوسع في تمويل الشبكات وأن يساهم نوعا ما في تخفيف مشكلة الكهرباء عموما، خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار أن انتاج واستهلاك الكهرباء لايزال مدعوما في ليبيا وبشكل كبير.
تحتاج ليبيا إلى سياسة وطنية للطاقة تأخذ هذه العوامل في الاعتبار والغرض من هذا البوست هو إعادة توحيد قطاع الطاقة النفط والغاز، الكهرباء، والمياه في جهاز واحد لتنسيق سياسات الاستثمار في المستقبل.
أتمنى كل التوفيق للعاملين في هذا الخضم الصعب
تحياتي وتقديري العالي