التعليق الثاني على ما ورد بتقرير ديوان المحاسبة لسنة 2020 عن قطاع النفط

مَـــقالْ / د.محمد أحمد الشحاتي

استمرارا للتعليقات التي أبديتها في المقال السابق عن الملاحظات التي أوردها ديوان المحاسبة في تقريره السنوي 2020 عن قطاع النفط أحاول أن أسلط بعض الضوء على بعض النقاط التي رأيت أنها غير واضحة في التقرير.

في الصفحة 295 يتعرض التقرير إلى البرنامج التنموي للتطوير وإعادة التأهيل في مجال النفط والغاز. فيما اعتقد أن هذا البرنامج تم اعتماده في سنة 2010 بهدف رفع انتاج النفط الليبي إلى مستوى 2.5 مليون برميل يوميا في سنة 2015، وقد كان الحديث آنذاك يدور حول رقم 9 مليار دينار ليبي يتم تمويله من تحالف بنكي محلي.
مبدئيا الجدول الأول (مرفق) المعروض في التقرير حول تصنيفات البرنامج التنموي غير مكتمل ولا تشير الأعمدة فيه عن بيان محتواها، وثانيا فأنه من الصعب اليوم تقييم نجاح البرنامج في ظل الاضطرابات الجسيمة التي تعرض لها القطاع في العقد الأخير ألا أن التقرير يشير إلى المصروف الفعلي من هذا البرنامج يصل إلى 5.2 مليار دينار عن الفترة 2010-2019.
الملاحظات التي أوردها التقرير عن مصير البرنامج التنموي فيها غموض كبير، وربما ستقود إلى عزوف المستثمرين المحتملين سواء المحليين أو الدوليين عن الاهتمام بأي برامج تطويرية في القطاع النفطي. فالملاحظات تشير إلى عدم كفاءة الصرف مع تعثر الإنجاز وتوقف المقرضين. لا بد لي من القول بأن عرضا مثل هذا يتنافى مع أبسط قواعد الشفافية والحوكمة الجيدة ولا أستطيع أن أفهم الهدف الحقيقي من عرض مبهم كهذا. وإذا ما تقرر إعلان نتائج تقييم البرنامج التنموي لقطاع النفط سواء من قبل المؤسسة أو الجهات الرقابية على الجمهور فأن ذلك يجب أن يتم عبر تدقيق وتحليل فني ومالي عميق من حيث كونه التجربة الأولى للتمويل من خارج قطاع النفط وسيقرر كيفية اهتمام المستثمرين في مرحلة لاحقة بالاستثمار في الصناعة النفطية الليبية وهذا ما يفتقده التحليل الذي ورد في تقرير الديوان.
في الصفحة 299 تحت عنوان دعم المحروقات الجدول الثاني يبين التقرير الفرق بين ما تم تقديره من المؤسسة الوطنية للنفط كمبالغ مطلوبة للدعم وما بين ما تم اعتماده من وزارة المالية ونسب الانحراف. سؤالي هنا ما هو سبب ادراج جدول كهذا في التقرير. من الواضح أن محرر التقرير يود أن يوصل رسالة أن المؤسسة تبالغ في تقدير مبالغ الدعم بينما وزارة المالية تعتمد مبالغ منخفضة. لا أعتقد أن هذا يفيد أي تقييم موضوعي، ولكنه فقط يشير إلى إيحاء مبطن بأن المؤسسة تغالي في تقييم دعم المحروقات. كان من المفيد هنا أن يعرض الديوان وجهة نظره صراحة بدون (تلقيح). بغض النظر عن المبلغ المطلوب بالدينار الليبي فأن الجدول يشير إلى أن معدل المبلغ الذي تعتمده وزارة المالية يدور حول 3 مليار دولار سنويا بينما المؤسسة تطالب بمعدل 4.0-4.5 مليار دولار سنويا. التقييم الحقيقي يجب أن يراعي استقرار سوق الطاقة في ليبيا والذي يعني عدم حدوث أي عجز في الامدادات وهو ما يغيب في التقرير بالرغم من ادراجه جدول يحوي نفقات دعم المحروقات الفعلية.
في الجدول الوارد في صفحة 303 عن مطابقة كميات انتاج شركة اكاكوس بين البيانات الواردة من الإدارة المالية وإدارة العمليات يشير إلى فروقات في القيم لسنوات 2018،2019،2020 بصورة متزايدة. مرة أخرى لا أعرف ما هو الهدف الحقيقي من عرض مثل هذا الجدول. هنا نحن نتكلم عن فروق مالية تصل إلى 250 مليون دولار بدون تقديم أي أسباب. الطريقة التي تم بها العرض أن الخطأ هو خطأ رقمي محاسبي وليس هدر انتاجي مادي قد يكون ناتج عن تسرب أو احتمال سرقة. نحن نتكلم عن انتاج يصل إلى أكثر من 10 آلاف برميل يوميا في سنة 2020 وهو رقم يصعب تصور أنه حدث بسبب تسرب خلال العمليات. هذه قضية تحتاج إلى معالجة سريعة وعلى شركة اكاكوس أن تصدر بيانا توضيحيا عنها.
هناك قضية أخيرة أود التحدث عنها وهي رسوم المرور والتخزين والتي وردت في الصفحة 321 عن الرسوم التي تتقاضاها شركة الزويتينة من الشركات النفطية المستعملة وهما شركة أيني الإيطالية وشركة وينترشل الألمانية لميناء الشركة في الزويتينة. يشير التقرير أن الشركة حصلت فقط مبلغ 86 مليون دينار من اجمالي قيمة مستحقة قدرها 261 مليون دينار. ويقول التقرير أن الشركات المستعملة للميناء تعترض على آلية احتساب التعرفة. ملاحظتي هنا لها بعدين. البعد الأول هو أن الفرق في الاحتساب 175 مليون دينار هو رقم جسيم ولا يمكن تبريره بالاعتراض حيث كان على شركة الزويتينة الوصل لحل مع زبائنها لتسوية هذا المبلغ. أما البعد الثاني فأنه يتعلق بحق المنطقة في هذا الايراد المالي والذي يجب على السلطات المحلية هناك مراجعة الموضوع مع مجموعة الشركات التي تستعمل الميناء.

الأكثر قراءة

مساحة إعلانية

المزيد من الأخبار

القائمة